في 2018 صدرت عن دار مداد الإماراتية رواية طقوس للموت للروائي الإماراتي عبيد بوملحه. استوقفني الغلاف المثير -كأغلب أغلفة بوملحه-  والعنوان الذي يجعلك كقاريء حريص على انتقاء الكتب والروايات تتصور وتفكر قبل تقليب صفحات الكتاب في أحداث الرواية ومقدار السوداوية التي أحاول أنا شخصيا -ما استطعت- تلافيها في قراءاتي. لكن وبعد تقليب بعض الصفحات وجدت أن السوداوية في طقوس للموت تحديدا وفي الحياة عموما، حين تغلف بالسخرية تكون ولدهشتي متقبلة ومسلية لدرجة ما. 


 


مستهلا الرواية بتقديم هو عبارة عن رسالة فان غوخ لشقيقه ثيو قبل انتحاره. بنى بوملحه أحداث الرواية متنقلا في حوارات بين ثلاث شخصيات رئيسية هي الروائي والراوي وبطل الرواية. وعلى امتداد صفحات الرواية ال 203، يعيش القاريء تفاصيل الصراع بين الشخصيات الثلاث والشخصيات الثانوية الأخرى. 


 


يوظف الكاتب أسلوب ضرب الأمثال في الرواية عن طريق ذكر مواقف وقصص حدثت لكتاب وروائيين عالميين مثل هيمنغويي وكلينهامر وآلان بو. مواقف حقيقية عن طقوس كتابتهم أو حوادث عاشوها وتعرضوا لها. كما أنه اعتمد نمط الانتقالات بين الأحداث في الزمان والمكان. 


 


يلمس قاريء الرواية انعكاس نظرة الكاتب نحو الكتابة وارتباطه بها: “الهدوء يغلفنا وفي داخلنا صخب تستدعيه الكتابة”، كأنه يصف شخصية الكاتب التي تتسم في الغالب بالهدوء الذي يركد تحته بركان من الصخب الذي يستفز الكتابة أو تستفزه. وكذلك نظرته نحو الأدب وتقديره له حين كتب: “الأدب يحلق حرا فوق القوميات والحواجز، حوار ثقافي بين البشر بغض النظر عن جنسياتهم وأفكارهم”. فالأدب مستقل سام ورفيع لا يمكن تصنيفه أو أدلجته. 


 


ويذكر بوملحه الروائيين ويلفت انتباههم إلى ضرورة إيجاد طريق خاص ومستقل قائلا: “نحن الروائيون كالنمل في بعض الخواص لكننا لا نتبع بعضنا بعضا، لكل واحد منا أسلوبه وإذا قمنا بذلك فإننا نحكم على أنفسنا بالموت”. كما يوجه رسالة عامة راقتني: “إن لم أعرف ميولك أضعك في قالب أشكله بنفسي حتى تسهل عليّ مهاجمتك”. فعدم الوضوح والضبابية في أغلب الأحيان تجعل التعامل مع الآخر صعبا وأكثر عرضة للهجوم.


ليست طقوس للموت لعموم القراء ولن يفهمها ويستوعب ما أراد بوملحه قوله من خلالها غير النقاد والروائيين والقراء المتمكنين والمطلعين على الأدب والروايات على وجه الخصوص.