لحرية حق إنساني مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمسؤولية فهي المحور الأساسي بين الإنسان ومجتمعه الذي يعيش فيه وبين الدولة التي يخضع لسلطتها. فالإنسان بدون حرية واستقلالية ذاتية لا يملك حياته وعلى أهواء الآخرين تسير توجهاته وقد يكون مجبرا على فعل ما يجهله أو يكره لأنه يفتقر للإرادة ونزعت منه حرية الاختيار.


إن الحرية نسبية فهي تقف عند حدود حرية الآخرين، وقد نص إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789 على تعريف الحرية بأنها: “حق الفرد أن يفعل كل ما لا يضر بالآخرين، وأن الحدود المفروضة على هذه الحرية، لا يجوز فرضها إلا بقانون”.


الحياة المدنية الحديثة في عالمنا العربي أعطت للحرية بعدا جديدا إذ أصبح الفرد يتعايش مع الآخرين وفق نظام اجتماعي يحول صراع الفرد إلى سلاما مستنيرا بينه وبين ذاته ومع أفراد محيطه، فيصبح الفرد ملزما بالمصلحة العامة حيث يوضع في دائرة المسؤولية اتجاه المجتمع التي من شانها ردع التطرف والجهل والإضرار بمصالح أفراده. فالحرية والمسؤولية متلازمان من حيث الممارسة والهدف وكل إنسان حر ما لم يضر، وتبقى الحرية هي الأصل، والقيود هي الاستثناء.


ولا يمكن التمتع بالحرية إذ لم يكن لها تشريعات تحمي ممارستها لأن الحرية الغير منضبطة تؤدي إلى تجاوز حدود مساحات حرية الآخرين، كما يعتبر الإسلام الحرية حق مقدس وأساسي بشرط أن تكون في إطار تعاليم الشريعة الإسلامية وألا تشكل أضرارا أو ظلما على الاخرين. وتعد عبارة “لا إله إلا الله” من أعظم الشعارات التي نادى بها الإسلام لتحرير الإنسان من العبوديّة أو الخضوع لأحد إلاّ لله سبحانه وتعالى “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلام لِّلْعَبِيدِ”.


يقول الروائي الفرنسي سارتر: “هناك دائما اختيار، والاختيار هو التزام شئنا أم أبينا. إن الاختيار ممكن وهو الشيء الذي لا نستطيع إلا أن نفعله، إنني أستطيع دوماً أن أختار وعندما لا أختار فإنني لا أكون في الواقع إلا قد اخترت، لقد اخترت ألا اختار”.