من المعروف أن مهمة تربية الأبناء تقع على الوالدين على حد سواء، بالرغم من دور الأم الأساسي في حياة الأبناء منذ الولادة، إلا أن للأب أهمية متممة لدور الأم لا غنى عنها. لأنه هو رب الأسرة وحاميها والمسؤول عن رعيته، فهو المعلم الأول والقدوة المؤثرة بشكل أو بآخر في سلوكيات وحياة أبنائه. فالأسرة القوية ترتكز على أساليب منهجية خاصة ودعائم قوية في علاقة أفرادها ببعضهم البعض.


قد يظن بعض الآباء أن مسؤولية التربية تلقى على عاتق الأم، بينما دوره يقتصر على تأمين المتطلبات والاحتياجات لعائلته فقط, جهلاً منه بأهمية تأثير وجوده في تشكل مراحل تربية الأبناء الذي يسهم بلا شك في تحقيق التوازن الأسري، من خلال اهتمامه بأبنائه وصقل شخصياتهم بمعرفة ميولهم وتطلعاتهم الفكرية وتطوير هواياتهم التي قد تشكل مسيرة نجاح يشار لها بالبنان لمستقبلهم.


الأبناء بشكل عام وتحديدا في مرحلة سن المراهقة لابد أن يشعروا بوجود رادع لهم يتفهم طبيعة تلك المرحلة وما تتطلبه من دراية ومصادقة تمنحهم شعور الأمان والرعاية بوجوده، حيث يجب على الأب تمضية الوقت الكافي الذي يتخلله الحوار والنقاش، مما يمنحهم الثقة بالنفس، ومما يسهم في تجنب مشكلات سلوكية واجتماعية عديدة قد لم تكن لو تواجد معهم كما يتطلب دوره التربوي والاسري.


فالأبوين هما النموذج والقدوة لأبنائهم سواء بالصالح أو الطالح من السلوكيات والاعتقادات والمنهجيات الفكرية التي تؤثر وتتأثر بالتنشئة الاجتماعية والعوامل المحيطة، فالأب في نظر أبنائه هو الشخص المثالي في تصرفاته وصفاته وكل سلوكياته من دون أن يشعر هو بذلك. لذا، فان مهمة اسداء النصائح للحث على اتباع سلوكيات مثالية وانتهاج قواعد تربوية لا تجدي نفعا إذا لم تكن تتمثل واقعيا في تصرفات الوالدين لكي تؤثر وتتبع من قبل الأبناء.


قال صلى الله عليه وسلم “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته” فمهما تعددت المسؤوليات ينبغي على الآباء استشعار أهمية بذل جهد الرعاية والحماية وتأسيس شخصيات فاعلة في مجتمعاتهم وبناء أوطانهم ليكونوا سواعد بناء نهضة وبناء يفخرون بها فذلك هو الاجدر والجهد الأمثل في تربية أبنائهم، يجب تعزيز التأثير الإيجابي في حياة أبنائهم حيث أن دورهم لا ينتهي عند مرحلة معينة بل يمتد إلى أجيال أحفاد الأبناء فما يزرع اليوم هو حصاد الغد فالبذرة الصالحة حتما طلعها نافع.