إلى أبي وأمي مع التحية


أمل الحامد


في مارس من العام 2012م كنت أحد كُتاب (من يقوم بإعداد البرامج التلفزيونية)


 لــ قناة  خليجية عربية للأطفال، مرت الأشهر وإذا بي في شهر سبتمبر  من نفس العام أجد اتصالا من صحفية عربية لجريدة ناطقة باللغة الإنجليزية تريد أن تعمل تحقيق صحفي لأثر الرسوم المتحركة على الأطفال من الناحية النفسية  لا أخفي عليك قارئي العزيز أن هذا الموضوع : (الرسوم المتحركة) كان موضوعاً لطالما حجز حيزاً من ذاكراتي! وكيف لا!


 ورائحة هذه الرسوم المتحركة تذكرني بالأيام الخوالي!


 في ذلك التحقيق الصحفي الذي قامت به الصحفية أمل السباعي كان تحت عنوان: مشاهدة التلفزيون للأطفال وتحديداً الرسوم المتحركة هل هو متعة أم مضيعة للوقت؟ كانت أجوبتي للصحفية حسب تجربتي ككاتبة برامج في قناة أطفال وأخصائية نفسية وكطفلة في مرحلة سابقة من حياتي في نهاية الثمانينات تحديداً.


حيث كانت تلك الفترة  فترة الكلاسيكيات الراقية  بأفلام كرتونية أنيقة كبشار وغرانديزر والرجل الحديدي وريمي وسالي وغيرها.


في جيلنا ذاك كان البطل بمثابة القدوة الجيدة لنا كأطفال في  تلك الفترة  حيث حاكى ذلك البطل بشار  النحلة الذي كان  يبحث عن أمه الملكة والتي تشتت وتفرق شملها عن ابنها بسبب دبابير غزت مملكة  النحل، عشنا خلالها رحلة بشار في حلقات تجاوزت 100 حلقة كنا في كل حلقة نتعلم خلق معين، مع كل حجرة عثرة تتعرض طريق  بشار وكيف أنه بمثابرته وعزيمته وتجازوه لكل الصعاب والإصرار وقوته النابعة من داخله مع روح الأمل التي إكتسبها من خلال تجاربه التي جعلته ناضجا وحكيما.


وكم كنا نحب أن نستمع لنهاية كل حلقة حيث كان يختمها الكبير فلاح هاشم وهو يقول: (ابحث  يابشار هيا حلق ابحث ولا تيأس).


 كنت أنا من أولئك الأطفال الذين علمني بشار ولم أجد هدرا للوقت في متابعته والكثير من أبناء جيلي.


وهناك  لمسلسل كرتوني آخر وهو فلونا حيث  عشنا مع  أسرة متماسكة ومترابطة رغم انقطاع السبل بهم وعيشهم على جزيرة مهجورة إلا أنهم تكيفوا وأثبتوا أنك بالحب تستطيع أن تتجاوز كل القصور المادي الموجود في الحياة!


 في مثال آخر سالي الفتاة المهذبة إبنة تاجر الذهب الهندي من أم فرنسية والتي انتقلت للعيش في مدرسة داخلية وفجأة تتغير حياتها من فتاة من طبقة برجوازية إلى عاملة في  تلك المدرسة!  وبرغم ظلت روحها مهذبة كماهي و لطالما ساعدت أقرانها في محنهم  وهي في أوج محنتها وكانت رمزا للإيثار لتلبية احتياجات الآخرين, تعلمنا  هنا مثلا أنك بقلبك تصدر الحب والإيثار مهما كانت قلة مواردك المادية والمعنوية!


وكما ذكرت في ذلك التحقيق الصحفي أن  التلفزيون قد يكون له تأثير سلبي أو إيجابي على الأطفال ولكن ذلك  يعتمد على نوعية البرامج المعروضة ولابد من توجيه الوالدين ومساعدة أبنائهم في اختيار أي برنامج أو كرتون يتابعه أطفالهم  سواء عبر التلفاز أو الآيباد!


 و لا مانع من متابعة الكلاسيكيات القديمة التي تدرس القيم الهامة والنبيلة


 كبديل لأحدث الرسوم المتحركة حاليا


لإن الرسوم المتحركة الناطقة باللغة العربية الفصحى ليست فقط شكل من أشكال الترفيه


 لكنها أيضا توسع خيال الطفل  وتجعله خلاقا مبدعا، أضف إلى ذلك أنها يمكن  أن تثريك  فاللغة العربية الفصحى بحر عميق وجميل!


وبعيدا عن الرسوم المتحركة فنجد في المسلسلات التربوية مهذبا آخر للقيم والأخلاق


أنا شخصيا كاتبة هذه السطور تعلمت من مسلسل إلى أبي وأمي مع التحية الكثير وصقلني لما أنا عليه الآن وكذلك أبناء ذلك الجيل! علمنا هذا المسلسل الأنيق أخلاق تربوية هذبتنا  مع كل حلقة منه, ربما سيعي كلامي من عاش حياة بها والدين منفصلين أو كان أبويه مشغولين كلا منهما بوظيفته ! أو الحياة عموما


الأخلاق أعزائي  متشابهه واحدة في كل زمان ومكان، حتى لو زادت في القرن الواحد والعشرين الهواتف الذكية! وتسارع الزمان والتكنولوجيا! إلا أن الروح واحدة والرقي واحد  في (الفطرة الإنسانية السليمة ) التي حبانا الله سبحانه وتعالى بها  إلى كل ذكريتنا مع التحية إلى أبي وأمي مع التحية!