قد يوهمك تقليب الصفحات ببعض التردد، غير أن التلميحات التي تخرج لك بخطها الكبير الواضح من بعض الصفحات تخبرك أن هناك حدثاً، قصة، ولربما صدمة. السقوط بمعناه مؤلم مهما اختلف نوعه، في نص كتاب الروائي عبيد بو ملحة «يسقط على غيمة» هناك الكثير من التأملات الفلسفية، قد تتعب البعض ممن لا يدرك عمق الكلمات في بعض الصفحات ورسائل بطل الرحلة التي عمرها «لحظات». حين نقرر أن نوقف حياتنا ونهوي إلى القاع، فإننا نهوي بكل مافينا من ألم وهموم. 

في رحلة اللحظات حين تنكشف الحياة وتنكشف كل الصور البصرية التي مرت على «الساقط» من أعلى، تتجرد روحه وتبدأ بالسمو بخفة، يبدأ يدرك حقيقة الحياة وكيف أن المشكلة فيه لا فيها. في نظرة النوافذ حين نتأملها كما فعل، فإننا ندرك أن الحياة مستمرة بكل تفاصيلها، هو فقط يهوي، هي تستمر، وتبقى فيها كل الأحداث. الحالة الوجدانية التي رأيتها من خلال تلك الصفحات التي لربما لا تأخذ منك نصف ساعة تهزك لترى من خلالها العمر كيف أن الحل يكمن فينا. النص كتب ليخاطبك، وأنت تهوي مع البشر أنك نسيت أحدهم: «أنت». نسيت أن تكون بسيطاً لا تفكر كثيراً، فنسيتك الحياة. الجنون حالة عظيمة وكبيرة، كانت المنعطفات أعماراً، رآها وهو يهوي بين «حفاض» طفل لم يكتب في صحائفه شيء وصورة الجدة الجالسة، هي حياته التي بدأت وقرر أن لا تصل لعمر الجدة، في كل نافذة أطل عليها هي صورته هو، تفاصيل حياته المتشربكة، ليست سواه هو حين يغضب، يهوي، يرتبك ولا يأخذ قراراً. 

كثيرة هي الجمل التي استوقفتني، في لحظتها كانت تعنيني ولكن لن أكتبها فهي لا تعنيك، فكل منا له حياته، كما هي حياة «من يسقط» لا تعنيني لكني أنظر لها علّي أتعلم، وهي الحقيقة التي نغفلها، نحن لا نتعلم ولا نريد أن نتعلم أحياناً، لا نريد أن نتغير ونطلب من العالم أن يرأف بنا، إسقاطات البشر علينا هي ما تتعبنا، ونبقى في دائرة الخيانات والاتهامات حتى تموت فينا حياتنا، ونقبل. هل سألت وأنت تفتح النافذة في قرارك: هل يستحق السقوط وقتي؟ لأعود للحظات بطل الحكاية وأخبره، تقلبك في الهواء هي صورتك وجملة ما فعلت هي أفعالك وخوفك من نفسك، لكنك أدركت في لحظة أنك متشبث بالحياة تريدها كما نفعل نحن لكن لا نريد أن نفعل شيئاً، متبلدين في مكاننا نجتر خيانات البشر وصدماتنا فيهم ونقول: «نحن ضحايا الحياة». هل يلتفتون لنا؟ لا يدركون حتى وجودنا.

قد تسقط ولا تستيقظ، فهل يستحق السقوط وتلك الأرض تحتك دوي ارتطام بدنك؟ ترفق بنفسك وبالغيمة. اقرأ الرسائل السماوية وقل «الحمد لله».